العمارة في العالم: بيتر آيزنمان .. والعمارة التفكيكية

الملك السوري السبت يونيو 21, 2008 3:28 pm

اعزائي اعضاء المنتدى أحببت ان أنقل لكم أفضل ما كتب عن المدرسة التفكيكية بالعمارة
ترجمة د.سندس فوزي فرمان
العمارة التفكيكية مدرسة فكرية حديثة في المعمار تستقي أسسها الفلسفية من الحركة الأدبية المسماة بالاسم نفسه والتي كان جاك دريدا مؤسسها. الاسم مشتق أيضا من التفكيكية الروسية في سنوات العشرينيات والتي تأخذ منها العمارة التفكيكية بعضاً من وحيها الشكلي.
هذه العمارة هي حركة معاصرة وهي موازية ومختلفة عن عمارة ما بعد الحداثة والتي تعارض هي أيضا العقلانية المنظمة للعمارة الحديثة ؛ لكن العمارة التفكيكية تختلف عن عمارة ما بعد الحداثة في إنها ذات أسس مختلفة تماما ،فهي تحقق تماما القطيعة مع التاريخ والمجتمع ومع زاوية النظر والتكنولوجيا المتقدمة.

تدعي التفكيكية بالتزامها بفلسفة ما بعد الحداثة وخصوصا أفكارها المتعلقة بالتقطيع والأقطاب السلبية التي تعمل على ربطها بصناعة التصاميم غير الخطية وبموضوعات مثل الهندسة اللاأقليدسية وذلك من خلال الذهاب إلى الأقصى في بعض موضوعات العمارة الحديثة مثل التناقض بين الهيكل والغلاف وبين السقف والجدران.
يتسم المظهر البصري للمشاريع المنفذة بهذا الأسلوب بكونها محفزة لأنها لا يمكن التنبؤ بها وكذلك تتسم بفوضى مسيطر عليها.
من أشهر المعماريين الذين ارتبطت أسماؤهم بهذه الحركة الجمالية : بيتر أيزنمان، بول فيريليو، فرانك جيري، برنارد تشومي، جون نوفل، رم كولهاس، زهاء حديد و دانييل ليبسكانيد.
تفكيك العمارة
يبدو الأمر في البداية لا معقولاً، بل ومتناقضا حينما نرغب في أن نفكك ما يعود إلى مجال البناء ، فالبنايات هي الهدف والإنجاز لكل مسار عمل معماري. لكن العمارة التفكيكية التي بدأت بتوكيد نفسها خلال سنوات التسعينيات فيها من الأسباب الظاهرية التي تجعلنا نراها غير منطقية. فالجدران منحنية والأرضيات منحدرة والأعمدة منحرفة والشبابيك مائلة ؛ إن هذه الأبنية التي تبدو وكأنها تعرضت لهزات أرضية هي في الحقيقة نتاج لعمل تصوره المعماريون وتأملوا فيه.
في عام 1988 نظم فيليب جونسن ومارك وغلي معرضا في متحف الموما في نيويورك تحت عنوان "العمارة التفكيكية". اكتشف الجمهور من خلال المعرض ذلك التلاقي بالأسلوب بين أعمال العديد من المعماريين الذين ذكرناهم أعلاه. وفي الحقيقة إن الطرق المتشابهة لتناولهم المواضيع والتي ترجمت باستخدامهم للنوع نفسه من الأشكال غير المعهودة وغير المستقرة هي التي ضمتهم في مجموعة واحدة تشتمل على تيارات قريبة جدا من بعضها لكنها قادمة من أجزاء مختلفة من العالم الغربي. واكتشف المعماريون في هذه الحركة تيارا مغايرا لما بعد الحداثة ويغترف بعض من مصادره عن الحداثة كما إنه يستعير بعض صفاته من الهندسة البنائية. هذا التفجر في الأشكال يعكس حرية الماهرين المتمكنين على خلق أعمال قوية على الصعيد الفني كما هي على الصعيد الفكري.
التفكيكية صفة وضعت من قبل نقاد الفن مع ما يتجاوب مع بعض المعايير الخاصة وقد كانت العمارة دائماً استعارة للفلسفة إلا إن التفكيكية قد لا تكون عمارة ولا حتى استعارة معمارية فهي لا تتقدم كنظام مغلق لكن هي بالأحرى استفهام ؛ وهي لا تستنتج أبدا بل تفتح أبواباً للتأمل وهي لا تنجز مفاهيم معينة إنما تحللها. إنها تعليق لا ينتهي على النصوص واللغات ومفاهيم الفلسفة. العمارة التفكيكية هي "نص معلق" وهي لا تبحث عن أسس الأجزاء الظاهرة من المبنى ؛ وعلى عكس البناء والتشكيل اللذين يفترضان أنظمة فلسفية مغلقة وأعمالاً منجزة وتامة نجد إن العمارة التفكيكية تتضمن فضاء ينفتح ؛ هي فضاء مفتوح للتأملات وللتغيرات. وهي فرصة لتشكيل فضاء آخر : "إنها تريد اختراع المستحيل (...) وهذه المبادرة أو القابلية على الاختراع لا يمكن أن تتضمن سوى الانفتاح على زعزعة استقرار البنى ذات الأبعاد القسرية وذلك كي نفتح المجال أمام الآخر بالقدوم".
من خلال هذا الأسلوب في العمارة عبر المبتكرون في أبنيتهم عن المتناقضات وعن معضلات المدن وصراعاتها والتي هي كلها انعكاسات للمجتمع والثقافة المعاصرة. وتم تخيل أشكال البنايات بطريقة تكشف ولا تخفي كما إن لهذه الأشكال القدرة على أن تشوش الطريقة المعتادة لتخيل الأشكال المكانية.
بيتر آيزنمان
أصبح بيتر ديفيد آيزنمان الوجه الرئيسي في التفكيك المعماري وأدخل بشكل منتظم وبطريقة واضحة استفهاما فلسفيا ضمن عمله المبتكر.
ولد بيتر أيزنمان عام 1932 في الولايات المتحدة. يعيش ويعمل في نيويورك. حصل على البكالوريوس في العمارة من جامعة كورنل عام 1955 ثم نال درجة الماجستير والدكتوراه من جامعة كامبردج في عام 1963. بيتر آيزنمان الآن أستاذ وحاصل على كرسي الأستاذية في العمارة في "كوبر يونين"في نيويورك وهو أستاذ زائر في جامعة برنستون. أنشأ عام 1967 "معهد العمارة والدراسات الحضرية" في نيويورك وافتتح فيه وكالته المعمارية عام 1980.
كان بيتر آيزنمان رئيس تحرير مجلة "أوبوزيشنز". نشر العديد من البحوث والمقالات والكتب ومن أهم مقالاته "المنزل العاشر"، "منازل من ورق"، "مدن الحفر الاصطناعية"، ومؤخرا "المنزل الافتراضي" و "مخطط المفكرات اليومية". كما إنه ألف كتاب بالاشتراك مع دريدا ويحمل عنوان "أعمال الجوقة الموسيقية" وهو يضم خطوات عملهما المشترك بمناسبة مسابقة أقيمت إعادة تنظيم حديقة لافيليت.
منذ وكالته في نيويورك طور أيزنمان حوالي 50 مشروعا ذات طبيعة ومقاييس مختلفة. ربحت العديد من هذه المشاريع في مسابقات لكن لم يتم تنفيذها جميعا. أما إنجازاته المهمة جدا فهي "المنزل السادس" و "مركز وكسنر للفنون البصرية" و "مركز آرنوف للتصميم والفنون" (الولايات المتحدة) وبناية المساكن الشعبية في برلين وبناية نوناتومي وبناية كوازومي في اليابان.
الموقف النقدي لبيتر أيزنمان
منذ بدء عمله لخص أفكاره عن الشكل وذلك كي يقطع العلاقة وبشكل جذري مع العقلانية الصناعية الناجمة من التقليد الحديث لأعوام الستينيات. كان بحثه في الدكتوراه والذي يحمل عنوان "الأسس الشكلية للعمارة الحديثة" يمثل بديلا للتحليلات التي أمليت تحديدا من منظرين ومؤرخين أمثال كولن روي (1920-1999) و رودولف وتكور (1906-1971). لنا أن نتصور بأن الرغبة الأولية لأيزنمان في الإصلاح كانت مبنية على ملاحظة مزدوجة : فمن جانب، إن الإنسان في تلك الفترة "ما بعد النووية" يتطور في عالم لم يعد فيه نموذجاً مثالياً موحداً بل متعدد ومقطع. أما من الجانب الآخر، وكما هو الحال بالنسبة لتحليل دريدا للغة فإن أيزنمان حدد خضوع العمارة إلى التفسير الفلسفي "للحضور". المفاهيم الأساسية التي ترتبط بها فلسفة الحضور في العمارة بالنسبة لأيزنمان هي مفهوم الوحدة والأصل. هذه المفاهيم بالنسبة له ناجمة عن الرغبة والحنين لدى الإنسان لمعرفة من أين أتى وأن يعرف موقعه في هذا العالم. لذا فالإنسان يحتل موقعا مركزيا ضمن إطار العمل المعماري أما المفاهيم مثل الجمالية والوظيفة والبرنامج فهي كلها خاضعة للبعد البشري الذي يعتبر الإنسان حقيقة الكون المركزية. بما إن وضع الإنسان أصبح غير مؤكد ومقطع بالنسبة لأيزنمان وانطلاقا من هذه الحقيقة فإن الاستفسار الديني حول الأصل لم يعد متطابقا مع عصرنا ويغلق الإنتاج المعماري في أفكار مسبقة كالمركز والنسق والتنظيم والغلق والوظيفة وهي كلها تعمل على تساوي التعبيرات المعمارية.
وكنتيجة لذلك فإن هندسة الأجرام الصلبة المتعددة والمنتظمة الصفحات (الأفلاطونية) لا يمكن أن تعبر وبسبب نقائها الجوهري عن حالة التعقيد والتقطيع. لذا فإن "العمارة الحديثة" ليس لها معنى اليوم بالنسبة لأيزنمان. إنها مظهر خادع بالمعنى الذي أشار إليه بودريار "إشارة تبدأ بالظهور أو بالاختفاء بمجرد أن تموت الحقيقة التي تمثلها" وذلك لأن نظام القيم المعروض تحديدا لم يعد له قيمة.
كتب أيزنمان قائلا : "الكتل الأفلاطونية التي عمل عليها لوكوربوزيه لم تعد مناسبة لفهم الظواهر الحالية. التناظر غير قادر على أن يتكلم عن علاقاتنا مع المحيط ؛ إنها أشياء من الماضي".
يعتقد أيزنمان إنه يجب التخلص من مفهوم الوحدة والأصل وذلك كي تتحرر العمارة من الميتافيزيقيا التقليدية ؛ وهي "فلسفة الحضور" بمصطلح دريدا وذلك لإسقاط النموذج الكلاسيكي للعمل المعماري "اللازمني والمهم والحقيقي".
بالنظر لقوة ملاحظاته فإن أيزنمان سيذهب للبحث ضمن إطار الفكر التفكيكي عما يصوغ به نظامه المعماري الجديد النظري والعملي على حد سواء. وفي الواقع فإن التفكيكية تؤكد وجود نظام عام للمعنى خارج التناقضات التقليدية للميتافيزيقيا واللغة المؤسساتية الناجمة عنها، يتم اللجوء إلى التفكيك لغرض مناقشة الطريقة التي عملت بها الثقافة الغربية على تنسيق المعايير والمقاييس في العمارة وبالعمارة.
سيتخذ هذا التفكيك عند أيزنمان سريعا شكل ملاحظات عن كل الصيغ التقليدية للتفكير ولفهم الأعمال المعمارية. ومن المحتمل إن هذه الشبكة من المشاهدات هي التي جعلته يعتبر عمله المعماري فعلا سياسيا. الغاية من هذا المسار في التفكيك هي زعزعة استقرار ثلاث علاقات ؛ فمن جانب هناك العلاقة بين العمارة ونظام تمثيلها (الإشارات). ومن جهة أخرى هناك العلاقة بين الموضوع المعماري وطريقة ابتكاره. وأخيرا هناك العلاقة القصوى بين العمارة والإنسان. يجب أن تظهر العمارة مساراً مستقلاً يكون الشكل فيه حرا من أي عائق بخصوص مركزية الإنسان وأن تعكس نفسها أولا وأخيرا.

سام السبت يونيو 21, 2008 11:19 pm

موضوع اكثر من رائع ولكن يا ملك الا توافقني الرائي ان ما ذهب اليه الدكتور بيتر أيزنمان خارج عن حدود المنطق
ومجرد هرطقه فكريه وخروج عن المالوف مع اعجابي بافكاره التي اطلعتنا عليها ولكن هل خرجت اعماله الى حيز الواقع؟
وكيف تغلب على المشكله الاساسيه وهي الجاذبيه الارضيه؟
واخر سؤال واعزرني هل هناك من اتباع للمدرسه التفكيكيه من العرب وهل هناك مشاريع خرجت الى حيز الحياه؟
اخيرا شكرا ملك ويا ريت ترفق صور تبين طريقة التعامل مع الجاذبيه ضمن المنزل او العماره او المشروع الذي قام
بناءا للمدرسه التفكيكيه؟
شكرا لاهتمامك

العمارة في العالم: بيتر آيزنمان .. والعمارة التفكيكية

العمارة في العالم: بيتر آيزنمان .. والعمارة التفكيكية

رد: العمارة في العالم: بيتر آيزنمان .. والعمارة التفكيكية